الفيلسوف ، لرامبرانت
الفلسفة لفظة
يونانية مركبة من الأصل فيليا أي محبّة وصوفيا أي الحكمة، أي أنها تعني محبة
الحكمة و ليس امتلاكاً لها
[1]. تستخدم كلمة الفلسفة في العصر الحديث للإشارة إلى السعي وراء المعرفة بخصوص مسائل جوهرية في
حياة الإنسان ومنها
الموت والحياة و
الواقع و
المعاني و
الحقيقة. تستخدم الكلمة ذاتها أيضاً للإشارة إلى ما انتجه كبار الفلاسفة من أعمال مشتركة.
إن الحديث عن الفلسفة لا يرتبط
بالحضارة اليونانية فحسب ، لكنها جزء من حضارة كل
أمة ، لذا فالقول "ما هي الفلسفة ؟" لا يعني إجابة واحدة . لقد كانت الفلسفة في بادئ عهدها أيام
طاليستبحث عن اصل الوجود ، والصانع ، والمادة التي اوجد منها ، أو بالاحرى
العناصر الأساسية التي تكون منها ، وطال هذا النقاش فترة طويلة حتى أيام
زينون و السفسطائيين الذين استخدموا الفلسفة في
الهرطقة وحرف المفاهيم من أجل تغليب وجهات نظرهم ، لكن الفترة التي بدات من أيام
سقراط الذي وصفة شيشرون بانة "انزل الفلسفة من السماء إلى الارض" ، أي حول التفكير الفلسفي من التفكير في
الكونو موجدة وعناصر تكوينة إلى البحث في ذات الإنسان ، قد غير كثيرا من
معالمها ، وحول نقاشاتها إلى طبيعة الإنسان وجوهرة ، والايمان بالخالق ،
والبحث عنة ، واستخدام الدليل العقلي في اثباتة ، واستخدم سقراط الفلسفة
في اشاعة الفضيلة بين الناس والصدق والمحبة ، وجاء سقراط و
افلاطون معتمدين الاداتين
العقل و
المنطق ، كأساسين من أسس التفكير السليم الذي يسير وفق قواعد تحدد صحتة أو بطلانه.
سؤال : "ما الفلسفة ؟" هذا السؤال قد أجاب عنه
أرسطو. وعلى هذا فحديثنا لم يعد ضرورياً. إنه منته قبل أن يبدأ، وسيكون الرد الفوري على ذلك قائماً على أساس أن عبارة
أرسطوعن ماهية الفلسفة لم تكن بالإجابة الوحيدة عن السؤال . وفي أحسن الأحوال
إن هي إلا إجابة واحدة بين عدة إجابات . ويستطيع الشخص - بمعونة التعريف
الأرسطي للفلسفة - أن يتمثّل وأن يفسر كلاً من التفكير السابق على
أرسطو و
أفلاطونو الفلسفة اللاحقة لأرسطو. ومع ذلك سيلاحظ الشخص بسهولة أن الفلسفة،
والطريقة التي بها أدركت ماهيتها قد تغيرا في الألفي سنة اللاحقة لأرسطو
تغييرات عديدة.
وفي الوقت نفسه، ينبغي مع ذلك ألا يتجاهل المرء أن الفلسفة منذ
أرسطو حتى
نيتشه ظلت - على أساس تلك التغيرات وغيرها - هي نفسها لأن التحولات هي على وجه الدقة احتفاظ بالتماثل داخل "ما هو نفسه" (...)
صحيح أن تلك الطريقة نتحصّل بمقتضاها على معارف متنوعة وعميقة، بل
ونافعة عن كيفية ظهور الفلسفة في مجرى التاريخ ، لكننا على هذا الطريق لن
نستطيع الوصول إلى إجابة حقيقية أي شرعية عن سؤال: " ما الفلسفة ؟ "
إن التعريف الأرسطي للفلسفة ، محبة الحكمة، له أكثر من دلالة . فالدلالة اللغوية وهي تتعلق
بلغة الإغريقالتي بها تم تركيب هذه الكلمة والدلالة المعرفية التي كانت في مستوى شديد
الاختلاف عما نحن عليه ، ولا شك أن الدلالة الأخيرة هي التي حددت التعريف
وحصرته في محبة الحكمة كشكل للإعراب عن عدم توفر المعطيات العلمية
والمعرفية للفيلسوف في ذلك الوقت ، فكانت الحكمة أحد أشكال التحايل على
المجهول كمادة أولى لكي يصنع منها الفيلسوف نظامه المعرفي ، وفق التصور
المعرفي الذي كان سائداً في ذلك الزمن.
أما اليوم وبالنظر إلى ما هو متوفر من المعارف وعلى ما هو متراكم من
أسئلة وقضايا مطروحة في العديد من المجالات إلى التقدم الذي حققه الفكر
البشري في مختلف المجالات ، فلم يعد دور الفيلسوف فقط حب الحكمة أو الذهاب
إليها والبحث عنها بنفس الأدوات الذاتية وفي نفس المناخ من الجهل الهائل
بالمحيط الكوني وتحلياته الموضوعية كما كانت عليه الحال سابقا، إن
الفيلسوف الآن بات مقيداً بالكثير من المناهج و
القوانين المنطقيةوبالمعطيات اليقينية في إطار من التراكمات المعرفية وتطبيقاتها
التكنولوجية التي لا تترك مجالاً للشك في مشروعيتها . في هكذا ظروف وأمام
هكذا معطيات لم يعد تعريف الفلسفة متوافقاً مع الدور الذي يمكن أن يقوم به
الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثير الإختلاف عن دور سلفه من العصور
الغابرة .